Notre devoir envers la mosquée d’El Aqsa

رجب مضر

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمداً يوافي نعمه ونشكره جل وعلا شكرا يكافئ مزيده‏ ونشهد أنه الله عظم مسجد الأقصى بجعله مسرى لنبينا محمد ومنطلقا لمعراجه فقال:

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ


ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً رسولُ الله‏، بيَّن مكانة هذا المسجد العظيم من بين سائر المساجد فقال:

لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى

أما بعد‏ ففي خضم الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج والارتياح الذي عم الأمة بانسحاب العدو من قطاع غزة يليق بنا أن نذكر مسجدَ الأقصى الذي لا زال يئن تحت وطأة الأسر والقهر. وليس الهدف من هذا سردَ ما يقع فيه من تقتيلٍ للمسلمين وتدميرٍ لمنازلهم فذلك دورٌ يقوم به الإعلام وإنما الهدف البحثَ عن وسيلة تضع حدا لمجازرَ كانت وما تزال مستمرة‏ رغم أي انسحاب ثم إيجادَ حلٍّ يُرْجِعُ مسجدَ الأقصى إلى حظيرة التوحيد والإسلام، كما كان منذ أن خلق الله الزمان..

فعَنْ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِي رضي الله عنه أنه قال:

يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ ثُمَّ قَالَ حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ وَالْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ

وليس هدفي هنا عباد الله في ذكر المأساة‏‏ وإلهاب مشاعركم بالحماسة وإنما لفتَ الأنظار إلى أن أملَ العدو في أن نترك الجهادَ في سبيل الله ونعوضه بذكرِ أحزانهم! أجل نحن لا ننكر أن الله تعالى أمرنا بالسّلم ولكن ليس أيَّ سلم؟ إنما السلم هو الذي يطرُق العدوُ بابه ذليلاً خانعاً صادقاً‏،‏ قال تعالى‏:

وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ

أما إذا كنا نحن الذين سنطرُقُ بابه أذلاءَ صاغرين فلا ثم لا‏:

فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ

فالحل إذن في صمت اللسان وتكلم الأعضاء‏‏ بالمسارعة إلى إعداد العدة:‏

وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ

وليس الإرهاب هنا ما تعارف عليه الناس اليوم وهو تصرف لا شك أننا نرفضه ولا محل له من الإعراب في شرع الله وإنما هو الترهيب الذي نعبَِّرِ عنه بالفرنسية بـ:

La force de dissuasion

وهو معنى قوله تعالى في آخر الآية:

وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ

فربنا عز وجل أمرنا بالجهاد مع الحرص على عدم الاعتداء فقال‏:‏

وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ

صدق الله مولانا العظيم وبلغ رسوله الكريم والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد فقد شدد الله تعالى على عدم الاعتداء وهذا أمر طبيعي لأن الإسلام ينبذ الظلم أيا كان نوعه حتى ولو على العدو.. فما للمسلمين يذبحون والعالم يتفرج بل لربما يصفق. ألا إنه لا حيلة لنا في حل هذه المشكلة إلا بالرجوع إلى كتاب الله وتحقيق الوحدة بين المسلمين ونشر قيم المحبة والمودة من جهة وإرساء العدل والحق من جهة أخرى فحي إذن على الإيمان بالله‏ والاصطلاح مع الله‏‏ والمبايعة لهع عسى أن نُعْجِزَ العدو بذلك عن المجابهة وعندئذ لن تستطيع أيُّ أمة أن تَكسر شوكة المسلمين ولا أن تحطم بنيانهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ .. كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ .. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ

فالهوان أيها الأحبة إنما يَحُلُّ بأمة حين تعشق القلوب الدنيا وتتيه في السبل التي نهاها الله عنها:

وَأَنَّ هَذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

ولا حاجة بعد هذا الكلام إلى مزيد بيان وإنما الدعوة إلى العمل الدءوب والتخطيط البعيد والحب العميق وإقامة العدل وشجب الظلم وتوحيد الرؤى وتطبيق كتاب الله.. فاللهم اغفر لنا وارحمنا وارحم والدينا وارحم موتانا وارحم من علمنا وكل من له الحق علينا فأنت وحدك ولينا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. اللهم لا فرج إلا فرجك ففرج عنا كل كربة وشدة يا من بيده مفاتيح الفرج واكفنا شر من يريد ضرنا من إنس وجان وادفعه عنا بيدك القوية يا قوي يا قوي يا قوي إنك على كل شيء قدير. اللهم أعنا على الثبات في الحق والتوبة في الخطأ واجعل كيد كل شيطان مريد في نحره.
اللهم انصر ولي أمرنا وحامي حمى الوطن والدين نصرا عزيزا مؤزرا واجعل عمله في خدمة شعبه ورفعة قومه سببا في إعلاء كلمتك ونصرة دينك ورفع رايتك.
اللهم أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين وألحقنا بالصالحين واجعلنا يا ربنا في رفقة إمام المرسلين آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.