Sixième anniversaire de la fête du trône

ذكرى العرش السادسة

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى كما ينبغي، ونشكره جل وعلا كما يليق، ونشهد أنه الله أكرمنا بخيرِ نبيٍّ أُرْسِلَ وأحسنِ كتابٍ أُنْزِلَ، ثم أسبغ علينا نعماً كثيرةً فقال:

وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا


وَنشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسولُ الله حَثَّنَا على الشكر فقال:

مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ

أما بعد، فنحن على موعدٍ بذكرى العرشِ إذ من خُلُقِ المسلم أن يشكر الله تعالى إذا أتته نعمة وذلك من خلال التحدث بها. والواقع أن الله عز وجل أعزنا بالإسلام وأنعم علينا بالقرآن وأكرمنا بالنبي العدنان..

فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

ثم اقتضت حكمته تعالى بالنسبة لبلدنا الحبيب أن تتسلم زمامَ أمورِه أسرةٌ تنحدر من ذرية هذا الرسول الكريم فبايعها المغاربة منذ قرون ثلاثة بيعةً هي نفسها الميثاق الذي واثق به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صحابته الأخيار حين قال تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ، يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ فَسَنُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا

وإن مما جاء في هذه البيعة أنها تَمَّتْ على مراحل، حيث بايعه صلى الله عليه وسلم الأنصارُ الأولون، فكان ذلك بالعقبة أيام الحج قبل الهجرة فبايعوه على ترك الشرك ونبذ السرقة وتحريم الزنا وعدم الكذب وشجب قتلِ الأولاد.. ثم بايعوه على الطاعة في المعروف.. وكانت هذه البيعةُ وقتها محصورةً في اثني عشر رجلا.. ثم جاءت بيعة العقبة الثانية فكانت أعمَّ من الأولى إذ حضرها أكثرُ من سبعين نفر من بينهمُ امرأتان. قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه في ذلك:

بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ

ثم كانت بيعة الرضوان التي بايع فيها المسلمون جميعا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على الموت وعدم الفرار والاضطلاع الكامل بالمسؤولية وهي البيعة التي نزلت بها الآية وقال عنها تعالى:

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ

فعلى ضوء هذه المبادئ يحتفل المغرب بذكراه التي من شأنها أن تحييَ فينا روحَ الوحدة المطلوبة وكنهَ الأخوة الشبه المفقودة..

وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا

نفني الله وإياكم بأي الذكر الحكيم وبحديث إمام المرسلين وغفر لي ولكم ولسائر لمسلمين ويرحم الله عبدا قال آمين.

الحمد لله حق حمده وصلى الله وسلم وبارك على صفوة رسله. أما بعدُ، فإنما الاحتفالُ رمزٌ وهو عندنا اليوم رمزٌ للتلاحمِ القائم بين القائد وشعبه. ولا يتم هذا الأمر إلا بالتزام الإخلاصِ والطاعةِ في المعروف من جهة المحكوم والرأفةِ والرحمةِ من جهة الحاكم. روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:

مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وََمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وََمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي

ورُبَّ قائلٍ يقول، وأين أميرُ رسولِ الله الذي تجب طاعتُه؟ والجوابُ أنه هو الذي تجتمع عليه كلمة الأمة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

خِيَارُ أَئِمَّتِكُمِ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ ويُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلـُّونَ عَلَيْهِمْ.. وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمِ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ. قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ. وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ

وهذا الحديثُ أيها الإخوة غايةٌ في وجوب الاجتهاد على وحدة الأمة وجمع شملها وتجسيد آمالها في السير قدما نحو التقدم والازدهار في ظل الثوابت والمقدسات ودون انجراف نحو الفرقة والمحرمات..

وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

اللهم صل على محمد وآله كما صليت على إبراهيم في العالمين إنك مجيد
وارض اللهم عن الخلفاء والصحابة النجباء ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الجزاء، وارض عنا معهم يا من له الأمر في الأرض والسماء.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.. ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم..
اللهم انصر ولي أمرنا الذي استرعيته أمر عبادك وبسطت يده لإقامة الدين في أرضك. اللهم وفقه لما تحب وترضى وأعنه على إعلاء راية دينك وجمع كلمة المسلمين على شريعتك.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.