Le recueillement et l’humilité durant la prière

الخشوع في الصلاة

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى أن جعلنا مسلمين ووفقنا لأن نكون من المؤمنين ونشهد أنه الله، لا إله إلا هو، أعطى للصلاة أهميةً خاصة ومنزلةً هامة، فقال جل وعلا:

اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ


ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله بَيَّن أهميةَ الصلاةِ ومنزلتَها فقال:

رَأْسُ الْأَمْرِ الإِسْلامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ

أما بعدُ فاتقوا الله عباد الله وكونوا على عمود دينكم محافظين تسلكوا بذلك سبيل المفلحين.. إن الإنسان في خضم مشاغل الحياة الدنيا وما تُفرزه من مشاكلَ نفسيةٍ وتوتراتٍ عصبيةٍ، ليحتاج إلى ما يُنَفِّسُ عن مشاعره ويخفف من مصائبه.. وهذا لعمري لا يوجد إلا في ظل الصلاة.. عبادةِ الإسلام الأولى ودواءِه الشافي ومنهلِه العذبِ الكافي.. الذي يتكرر كلَّ يوم خمسَ مرات بآثارٍ وأسرارٍ عجيبةٍ أشارَ صلى الله عليه وسلم إلى بعضها فقال:

أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قَالُوا لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا. قَالَ فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا

والصلاة هنا كما أرادها الإسلام هي الصلاة التي تنتقل بالمؤمن من عالم المادة الصماء إلى عالم السمو والصفاء والطهر والنقاء. فهي للقلب والنفس نورٌ وغذاء ومن العبد لربه مناجاةٌ ودعاء وخضوعٌ وثناء وتذللٌ وبكاء وتوسلٌ ورجاء ثم اعتصامٌ فالتجاء فما أعظم الأجرِ وما أوفرَ الحظِّ لمن أَدَّاها كما أريد لها. قال صلى الله عليه وسلم:

خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ.. كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ.. وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ

ولقد مدح الله تعالى المؤمنين وأثنى عليهم ووعدهم بالفوز المبين إن هُمُ التزموا بأداء أركانها وكانوا فيها من الخاشعين، فقال عز وجل:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ

والخشوع كما يقول أحدُ العارفين لِينُ القلب ورقتُه وسكونُه وخضوعُه وانكسارُه وحرقتُه فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميعِ الجوارح، فعن عثمان رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ

والمصلي حقًا مَن يقيم الصلاةَ كاملةَ الفرائض مستوفيةَ الشروط محفوظةَ الأوقات، يبعثه على ذلك قلبٌ يقظ وضميرٌ حيّ وشعورٌ صادق وإحساسٌ مرهَف واشتغالٌ بها عمّا سواها.
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين ويرحم الله عبدا قال آمين.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الصادق الأمينِ وبعد..

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ

إن منزلة الخشوع من الصلاة عباد الله كمنزلة الرأس من الجسد، ولا يليق بالمؤمن أن تكون صلاتُه مرتعًا للتفكير في أمور دنياه ولا محلاً لقضاء مشاغله، يلتفت هنا وهناك ويعبث بملابسه وينظر إلى الساعة في يده ويتأمل في رجله فلا يعي ما يقول ولا ينتبه إلى ما يقرأ. وأعجب من هذا ظاهرة الهواتف النقالة التي تؤذي وتزعج فتصرف المصلين عن خشوعهم! أوَ صلاةٌ هذه لمن يقطع حلاوةَ مناجاته لخالقه رنينُ نقَّاله؟ أين نحن من تلك الصلاة الخاشعة التي تؤثر في قلب صاحبها فتنهاه عن الفحشاء والمنكر وتمنعه من فعل ما يخدش عقيدته أو يخالف تعاليمَ دينه.. فلا يتعاط للربا ولا يقترف الزنا ولا يأكل الرشوة ولا يغش في عمله ولا يشرب مسكرا ولا مخدرا.
إن الذي يصلي حقا لا يتساهل في حقوق العباد ولا يقع في أعراضهم بل يُقلع عن كل ما يخالف شرعَ الله ويلتزم قدرَ المستطاع بكل ما أمر رسولُ الله. قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:

إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ

فهل من عودة إلى إتباع هديه  عسى أن نَسترجع هيبتَنا وقوتَنا بعد النكسة الخطيرة التي أصابتنا فأفقدتنا مقوماتنا ومميزانا؟!
اللهم أصلح أحوالنا واجعلنا يا ربنا معظمين لشعائرك مطبقين لأمرك قائمين بعمود دينك حيث قلت:

حَـافِظُواْ عَلَى الصَّلَواتِ والصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَـانِتِينَ

اللهم فرغ قلوبنا من شواغل الدنيا باستشعار عظيم قدرتك واستحضار جلال وجهك. اللهم نور قلوبنا بالإيمان وسُدَّ عنا مداخلَ الشيطان يا كريمُ يا منان. اللهم يسر لنا التدبر فيما يُقرأ من القرآن وأعنا على مراعاة الاطمئنان وترك العبث والعجلة التي يأمر بها الشيطان.
اللهم إنا نسألك لولي أمرنا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم اجعل قرة عينه في الصلاة واطمئنان قلبه في ذكرك ورشد اختياراته في إتباع نبيك ومنتهى حكمه في تطبيق شريعتك. اللهم أسعده بولي عهده وكافة أفراد أسرته وشعبه.
اللهم انصر كل من نصر الدين واخذل من خذل الإسلام والمسلمين ودَمِّرِ اللهم أعداء الدين آمين وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.