Le problème de l’oisiveté et du ne rien faire!

مشكلة الفراغ

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى على فيض نعمه ونشكره جل وعلا على آلائه ونشهد أنه الله حَذَّرَ من الغفلة وسوء تدبير الوقت فقال:

وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيَ أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى


ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله بَيَّنَ لنا أن الفراغَ نعمةٌ لا ينبغي تضييعُها ولا التفريطُ فيها فقال:

نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ

عباد الله، دارَ الزمانُ دورتَه وأقبلَ الصيف بنهاره الطويل وليلِه القصير مما يعني أن وقتَ الفراغِ سيتسع وهذه معضلةٌ حقيقيةٌ تصيب الأمة وينبغي التفكيرُ الجادُّ في حَلِّهَا.

أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ .. فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ

فالفراغ إذن كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم نعمةٌ من حيث إنه يوفر المجالَ لملء الوقت بما فيه خيرُ، لكنه سُرعان ما ينقلب إلى داءٍ قتالٍ للفكر والعقل والطاقات الجسمية إذا لم يُستغل فيما يليق.. وهناك مكمن الداء وموضِعُ الغُبنِ المذكورِ في الحديث. فالنفس لا بد لها من حركة وعمل، أما إذا كانت فارغة فتتحول إلى عامل رئيس في بزوغ الانحراف كفشو المخدرات وانتشار الفواحش وتَمَكُّنِ سوءِ الأخلاق. ولا غرو أن نسبة الجرائم والمشكلات الخلقية تتوافق مع زيادة الفراغ في أي زمان ومكان. قال الشافعي:

إِذَا لَمْ تُشْغِلْ نَفْسَكَ بِالْحَقِ شَغَلَتْكَ بِالْبَاطِلِ

فيا عجبا لقوم انتبهوا إلى إهدار المال ومدى خسارته ولم يدركوا حقيقة إهدار الوقت ومدى مصيبته وما أصدق الفاروق  حين قال:

إِنَّ هَذِهِ الأَيْدِي لا بُدَّ أَنْ تُشْغَلَ بِطَاعَةِ اللهِ قَبْلَ أَنْ تُشْغِلَكَ بِمَعْصِيَتِهِ

ألا ترون رحمكم الله إلى المغبونين في هذه النعمة كيف ينقادون إلى الجلوس في الطرقات وفي المقاهي والبارات لا شُغْلَ لهم إلا الكلامَ الفارغ والحديثَ غيرِ المجدي بينما رسول الهدى صلى الله عليه وسلم يقول:

إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا! قَالَ فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا.. قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ

فأين نحن من هذا الخلق العظيم والسلوك الرفيع وبعضنا يقضي جُلَّ وقته مع الفضائيات وسائرِ الملهيات فيرى فيها ما لم يكن يخطر بباله فإذا به يجد نفسه وقد أخذ في تطبيق ما رآه وإن من غير شعور.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الذكر الحكيم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. إن الفراغ أيها الناس لا يبقى كذلك أبدًا إذ لا بد من ملئه إما بخير وإما بشر فطوبى لمن ملأه بالخير وألغى بالمرة الشر من حياته

إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ

فتصريفُ الفراغ فيما يليق يضمن للأمة الارتقاءَ والمناعةَ أمام السموم الفكريةِ الموجهةِ إليها. ولقد حَرِصَ الإسلامُ على ملء الفراغ بالعمل النافع حتى لا يجد المسلم وقتا للانحراف، كما قال صلىالله عليه وسلم:

اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَشَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ

فتأمل العمق التربوي لهذا الكلام مما يجعل الفراغ موسمًا للاستثمار يدخر فيه المسلم من الصحة للسقم ومن الشباب للهرم ومن الغنى للفقر قبل أن يمضي عمره فلا يعود. ولقد كان رسول الله  في كل هذا مثلا أعلى وقدوة أسمى.. وكيف لا وربه تبارك وتعالى يقول له:

فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبّكَ فَارْغَبْ

بمعنى لا تبقى فارغًا أبدًا، بل إذا فرَغْتَ من عملِ الدين فاشتغل بعملِ الدنيا وإذا فرغت من حاجة البدن فخذ غِذَاءً للقلب أو متعة للروح وإذا فرغت من شأن النفس فأقبل على شأن الأسرة والمجتمع والأمة.. فلا فراغ أبدًا إلا استجمامٌ فتأهبٌ للعمل.. عن عائشة تصف سيدَنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فتقول:

ولا رُئِيَ قَطُّ فَارِغًا في بَيْتِهِ

فاللهم صل على هذا النبي الكريم والرسول العظيم وعلى آله وصحبه والتابعين. اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم خذ بأيدينا إلى شاطئ النجاة وساحل الفلاح وأعنا يا رب على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم استرنا بستر عافيتك واكلأنا بعظيم عفوك واجعل لنا من أمرنا يسرا. اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق وتصرفك في ملكك لا تفرق بيننا من هذا المكان إلا وقد غفرت ذنوبنا وتجاوزت عن زلاتنا وكتبت أسماءنا فيمن يدخل جنتك وينظر إلى وجهك الكريم برحمتك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك لولي أمرنا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى وأعنه اللهم على أداء أمانته على الوجه الذي يرضيك عنه ويسر له يا رب لأجل ذلك بطانة صالحة ونصيحة صائبة ودائرة مؤمنة مخلصة.
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى والحمد لله رب العالمين.