Préserver l’environnement

المحافظة على البيئة

الحمد رب العالمين نحمده تعالى حمدا يوافي نعمه ونشكره جل وعلا شكرا يستوجب مزيده ونشهد أنه الله، وجه عباده إلى المحافظة على البيئة والابتعاد عن الإفساد فقال:

وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ


ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله نهى عن تلويث البيئة فقال:

اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ

وفي حديث آخر شجع على مراعاة جماليةِ الطرقات والإصلاح من شأن البيئة، فقال معرفا ماهية الإيمان:

الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ بَابًا أَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ

عباد الله، لقد أوكل الله تعالى إلى الإنسان صيانةَ البيئة والحفاظَ على منشآتِها والقيامَ على تطويرها وذلك بأن خلقه في أحسن تقويم وأودع فيه من القدرات ما يُمَكِّنُهُ من ضمان سعادته في الدنيا والآخرة.. إلا أنه بحكم الضعف الذي جُبل عليه أبى إلا أن يتبع شهوات نفسه ورغباتها فخرج بذلك عن النهج القويم الذي أوصاه الله به والذي يحقق فيه الانسجام مع ناموس الكون الذي خلقه الله هو أيضا.. قال تعالى:

ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

والإسلام إنما جاء ليعالج مظاهر الفساد بالدعوة إلى التصرف السليم وترك الطغيان في الميزان الذي قامت على استوائه وبلوغ غاية القسط فيه السماوات والأرض وما فيهن..

وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ

ومن أجل ذلك بدأ بتعريف الإنسان بحقيقته حتى لا يطغى ولا يسيء إلى نفسه أو إلى من يحيط به فطالبه بتحقيق مبدأ العبودية أي الطاعةِ المطلقة والالتزامِ التام بأمره سبحانه والبعدِ عما نهى عنه.. ثم دعاه إلى الإحسان وإلى الصلة الراسخة بربه في السر كما في العلانية، فقال نبي الهدى صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الإحسان:

أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ

وعلى غرار ذلك شجع الإسلام كلَّ ما يفيد البيئة الإنسانيةَ والطبيعيةَ سواء ماديا أو معنويا، فقال تعالى:

كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا

وفي مقابل هذا وضع عقوبات على المسيء للبيئة، فقال عز من قائل:

وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ..

فالناس اليوم، كل يدعي أنه يريد الإصلاح فتراه يناضل من أجل ذلك ولكنك بإمعان النظر فيه تجده لا يعدو يخدم مصلحته لا غير..

وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ

وإذا أردت إرجاعه إلى رشده ثار..

وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ

نفعني الله بالقرآن الكريم وبحديث إمام الأنبياء والمرسلين وسيد الأولين والآخرين ورحم الله من قال آمين.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المصلحين. أما بعد، فإن للإسلام حضورا قويا في مجال البيئة حيث أوصى بنظافة الطريق وحماية الناس من أي أذى معنوي أو جسدي.. فكيف نسمح لأنفسنا والأمر كذلك أن يكون لنا مطرح للنفايات يسكن فوقه وفيه العشرات مثلُ ما هو موجودٌ على بُعْدِ بضع كيلومترات؟!
ثم كيف تُسوغ لنا أنفسُنا أن نلوث بيئتنا بالدخان وبإلقاء الأزبال هنا وهناك وخصوصا من نوافذ أفخم السيارات أليس منا رجل رشيد؟

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ .. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ

ألا إن تلويث البيئةِ والطبيعةِ أمرٌ خطير في نظر الإسلام إذ هو الذي حرَّم جميعَ ما يؤذي صحة الفرد والمجتمع وأمر فقط بأكل الطيبات والاهتمام بالنظافة وبالعنصر الجمالي!
حتى مع الحيوانات والنباتات أمر بإرساء علاقةِ احترام وعطف.. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتْ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا

وجاء في وصية أبي بكر الصديق لأسامة عندما وجهه إلى الشام:

ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة


وهذا لعمري حسٌّ إنساني سليم يحترم فعلا مكونات البيئة وسبقٌ واضح في إعطاء المعلومات العامة عن التربية البيئية.. فما بال مغربنا اليوم ينفق 4.6% من إنتاجه الداخلي الخام بسبب التلوث والتصحر والإضرار بالبيئة حسب إحصائيات المندوبية السامية للمياه والغابات، فهل نحن منتهون؟
اللهم إنك قلت وقولك الحق ادعوني أستجب لكم وها نحن ندعوك فاستجب لنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا. اللهم إن إيماننا قد ضعف وإسلامنا قد تدبدب وأنت الهادي التواب فتب اللهم علينا وأهدنا وردنا إليك ردا جميلا. اللهم لا تفرق بنا من هذا المكان إلا بذنب مغفور وأجر موفور وعمل متقبل مبرور. اللهم خذ بيدنا إلى شاطئ النجاة وساحل الخلاص برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم انصر ولي أمرناافتح اللهم له ولمغربنا الحبيب أبواب رحمتك وعظيم فضلك وحسن كرمك وجودك واجعل له يا رب من أمره يسرا.
اللهم قيض له البطانة الصالحة التي تعينه على الحق ونوائب الزمان وتبعد عنه كل شر وسوء.
اللهم انصر من نصر الدين واخذل اللهم الملاحدة واللادينيين وكل أعوان الشياطين آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.