Nécessité de s’acquitter de ses devoirs

ألمر بأداء الأمانة لا سيما بالنسبة للمدرسين

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى بَيَّنَ الحق فأوضحه وخلق الإنسان فأحسن صُوَرَه ونشهد أنه الله أمرنا بأداء الأمانة مختلفة أنواعها فقال:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ


ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله حث على أداء الأمانة فقال:

أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ

أما بعد فيا أيها الأحبة الكرام، لقد أحسن الحق سبحانه وتعالى العقبى لمن أدى الأمانة وتوعد بالسخط لمن يُعَرِّضُها للضياع أو الخيانة. فاتقوا الله عباد الله فإن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم قال:

لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ

بالأمانة عباد الله يتم الدين ويرسخ الإيمان فينمو التعاون بين الناس ويسود المجتمعَ الأمان فإذا بقلوب العباد تتآلف وإذا بالنفوس تتقارب وإذا بالتحاب يفشو. والمسلم في هذا كله مطالب بأداء الأمانة ولو لعدوه لأن ذلك من أخلاق دينه التي لا حياد له عنها. وإن لنا في محمد الأمينِ صلى الله عليه وسلم الأسوةُ الحسنة حيث كان الكفار يتركون عنده أماناتهم رغم أنهم يعتبرونه عدوا لهم لا لشيء إلا لأنهم يعلمون علم اليقين أنها تكون عنده في أمن وأمانٍ لا يجدونهما عند أنفسهم. ولقد صدّق الواقع فكرتهم إذ لما أراد صلى الله عليه وسلم الهجرة أمَر عليا كرم الله وجهه بالبقاء بمكة حتى يرد الأمانات إلى أهلها! لم يقل هؤلاء عذَّبوا أتباعي وقتلوا أصحابي أو لم يتورعوا عن إقامة الحصار علي وعلى من معي أو لقد عادَوني وأخرجوني. لم يقل أفلا أسترد حقي بأكل ما عندي من أماناتهم؟ أفلا آخذ تعويضا عن كل ما سلف مما لدي من أموالهم؟ كلا لم يقل لا هذا ولا ذاك ولم يخطر بباله إنما وفى بما عنده. فما بال أقوام يستحلون أموال غيرهم ولا يرون بأسا في سرقة وخيانة من يضعون الثقةَ فيهم؟ إن قلوبنا أيها الناس لتهتز فزعا وتُصاب بالإحباط حين نسمع عن مسلم يُحِلُّ مثل هذه التصرفات بدعوى أنه يتعامل مع عير مسلم فتراه يقول لا غرو أن أغتنم ثقته فآخذ من ورائه ما استودع عندي. ألا إن من مقومات الفلاح التي عرضها القرآن الكريم عند وصفه للذين يرثون الفردوس الأعلى قولُه جل وعلا:

وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ

قال ميمون بن مهران رحمه الله:

ثلاثة يؤدين إلى البر والفاجر الأمانة والعهد وصلة الرحم

هذا أيها المسلمون هو خلق الإسلام الذي به ندعو إلى الله وبه تصلح أحوالنا وبفضله ننطلق إلى الرقي والفوز بجنة ربنا. ثم إن الأمانة واسعة الدلالة فهي ترمز إلى معاني كثيرة سنعود للكلام عن بعضها بعد قليل فكونوا معنا يقظين واستغفروا الله العظيم يغفر لكم وتوبوا إليه جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

الحمد لله وكفى وسلام على رسوله المصطفى. أما بعدُ، فإن من معاني الأمانة التي من أجلها أَنْشَأْتُ هذه الخطبة أن يحرص كل منا على أداء واجبه كاملا في العمل الذي يناط به وأن يستنفد كل جهدِه في إبلاغه تمام الإتقان.. وأريد هنا أن أخص بالذكر المعلمين والمدرسين ذلك أن المعاهد والمدارس تجمع أبناءنا وبناتِنا وهم أمانة في أعناق أساتذتهم فاتقوا الله يا من تتحملون أمانة تربيتهم سيما وقد أطل عليكم الموسم الذي فيه تعبئون بتصحيح الامتحان والذي يُعز فيه المرء أو يهان. ألا فاعلموا رحمكم الله أنه تعالى رقيب عليكم قبل أن يقع في نفوسكم الخوف من رقابة الوزارة ومفتشي النيابة لأن هؤلاء لديهم العقوبات العاجلة فقط إن هم اطلعوا على الخيانة. أما الله تبارك وتعالى فإنه يعلم السر وأخفى وهو سبحانه سريع الحساب وشديد العقاب.

يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

ومن ضمن هذه الأمانة أن يعدل المعلم بين طلبته في الاختبارات وأن يعطي كل ذي حق حقه حسب ما يسر الله له من فهم وإدراك وجِدٍّ واجتهاد من غير النظر إلى انتمائه ولا إلى موقعه الاجتماعي وما يمكن أن يحصده من علو مرتبته.
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله كما صليت على سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
لك الحمد ربي حتى ترضى، أنت قيوم السماوات والأرضِ ومن فيهن خلقتنا ونحن عبادك، لك مماتنا ولك محيانا فإن أحييتنا فاحفظنا وإن أمتنا فاغفر لنا. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر ومن وسوسة الصدر ومن شتات الأمر اللهم اغفر وارحم واعف وتكرم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم. اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لا يخشع وعين لا تدمع ودعوة لا يستجاب لها سبحانك إنا كنا من الظالمين. اللهم إنا نسألك لولي أمرنا البر والتقوى والعز والنصر والصلاح وأقر عينه يا رب بالصلاة وأسعد قلبه بذكرك وزَكِّ نفسه بالتوكل عليك واملآ جوارحه بالخضوع إليك.
اللهم إن الصهاينة العنصريين قد احتلوا أرضنا وغصبوا حقنا وسفكوا دماءنا ودنسوا مساجدنا وهتكوا أعراضنا.. اللهم شتت شملهم وفرق كلمتهم ولا تجعل لهم على أحد من المؤمنين من سبيل. اللهم انصر كل من نصر الدين واخذل من خذل الإسلام والمسلمين وأستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.