اليوم العالمي لمحاربة التدخين
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ونشكره، نهانا عن تناول المخدرات وجعل أكلَ الخبائث من المنكرات ونشهد أنه الله، بيَّن لنا وجها من وجوه وظيفة سيد السادات فقال:
يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله قال بلسان الحق وصدق اليقين:
كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ
وفي رواية مماثلة غيرِ هذه قال:
كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ
أما بعد فالمناسبة شرط ولا نملك في خضم تخليد اليومِ العالميِ لمحاربة التدخين من موقع موعظة الخطيب ومبدأ نصيحة الطبيب إلا التطرقَ من جديد إلى خطر هذه الآفة التي تحصُد يوميا أرواح شباب وأطفال بغض النظر عما تفعله في الكهول والشيوخ والنساء الذي يناهز عدَدُ المدخنات منهن في المغرب وحده 132000 مما جعل التدخين يؤرق بحق مضجع كل الغيورين على صحة المواطنين.. وإني لأرجو بهذه المشاركةِ أن يوفق الله تعالى أقواما للتغلب عليه والإقلاع عنه.
رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ
ألا تعلمُ أخي المدخن عافاك الله أنك بشربك لهذا الخبيث تُؤْذِي نفسك وتُضِرُّ بمن حولك وتُشارك بطريقة مباشرة أو غيرِ مباشرة في تلويث الجو وتوسيع ثقب الأوزون؟
ألا تعلم أن هذه المصيبة التي تَعْمِدُ إلى وضعها بين شفتيك تحتوي على أكثرَ من أربعة آلافِ مادة أغلبُها لا تُعرف حقيقتُها وجُلُّهَا سُمٌّ فَتَّاكٌ كالنيكوتين أولُ مسئول عن الإدمان وأحادي أكسيد الكربون ذلك الغاز القاتل الذي لا لون له ولا ريح دون أن ننسى ذكرَ القطران الذي يؤدي حتما إلى السرطان علما بأن 90% من السرطانات الموجودة في المغرب مردها إلى التدخين؟ أضف إلى كل هذا تلك العملية التي يغفل عنها الكثير والمتمثلة في ترقيدِ التبغ في الخمر مُددا متباينة قبل وضعه في السيجارة! فهل نحن منتهون؟
ثم أيضا ألا تتساءل أيها الأخ المسلم الكريم لماذا يتقلص ترداد التدخين في البلاد المتقدمة سنة بعد سنة بينما تزداد وثيرة استهلاكه في عالمنا الثالث؟ إنه استغلالٌ مقيت لظاهرةِ الجهلِ وعدمِ الوعي السائدِة فينا. وفي هذا الإطار وللفت النظر فقط فقد أثبتَتْ كثيرٌ من الدراسات أن كمية النيكوتين تتضاعف من واحد إلى أربع مرات في السجائر الموجهة إلينا مقارنة مع السجائر التي تُباع هناك وذلك ليس إلا لإحكام قبضة الإدمان على المدخن مما يضمن مبيعات أكبر في الشعوب الغافلة ومن ثمَّ إدرارا لأرباح طائلة للشركات الإرهابية المروجة له!
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد المصطفى الأمين.
أما بعد، فإن الله تعالى يقول في محكم القرآن مبينا حرمة الدخان:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
ويقول مباشرة بعد ذلك:
وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا .. وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا
إيه أيها الناس لم يعد هناك مجال للشك في أن التدخين حرام في دين الإسلام.. وهذه الفتوى ليست وليدة اليوم وإنما ظهرت منذ زمان عندما أفتى بذلك الشيخ إبراهيم اللقاني وهو من علماء المالكية فقال: لا يجوز إمامة من يشرب التنباك ولا الاتجار به ولا بما يُسكر. ومن قبله وفور ظهور التبغ بالمغرب أفتى بتحريم شربه سيدي عبدُ الله بن حسون رحمه الله ويكفي للتأكد من هذه الحرمة حديثُ رسول الله:
مَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا
وتلك حال قاتل نفسه أيا كانت طريقة الانتحار والعياذ بالله. فإذا علمنا أن التدخين يقتل خمسة ملايين من بين مليار وثلاثِ مئةِ مليون مدخن كل سنة، وأن هذا العدد سيرتفع في السنوات المقبلة إلى عشرة ملايين إن لم تُتَّخَذِ الإجراءاتُ اللازمة للحد من هذه الأزمة، تبين لنا أنه انتحار بطيء هذا الذي يقوم به المدمن على التبغ. وقد تعالت أصوات الذين يكرهون شرب الدخان وصدرت توصيات طبية عالمية وأخرى دينيةٌ إسلاميةٌ وغيرُ إسلامية تُحَذِّر من تعاطيه ولكن رغم كلِّ هذا فشاربوه لا يسمعون ولا يستمعون وهم لمن يعمل على استصداره لا ينصتون ولا يلتفتون وكأنهم له عابدون..
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله كما صليت على سيدكن إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. اللهم اكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة، إنا هدنا إليك.. اللهم اكتب لنا مغفرتك وأدخلنا في رضوانك وسعنا برحمتك فقد لذنا بجنابك والتجأنا إلى بابك فلا تردنا خائبين ولا تجعلنا من المفتونين ولا عن رحمتك مطرودين.
اللهم نورنا بنور الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
اللهم انصر ولي أمرنا وأعنه يا رب على محاربة كل ما يهلك الوطن والدِّين واجعل اللهم قرة عينه في الصلاة وأسعده بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه. اللهم انصر كل من نصر الدين واخذل كل من خذل الإسلام والمسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.