واجب العناية بالأطفال
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ونشكره، ونشهد أن لا إله إلا غيره أمرنا بالاضطلاع بمسؤولياتنا نحو الأبناء فقال وهو أصدق القائلين:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسولُ الله، نبهنا إلى هذه المسؤولية فقال فيما يرويه البخاري:
الرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا
عباد الله، لقد خلد المغرب قبل يومين يوم الطفل، وبهذه المناسبة أود تذكير أنفسنا بواجبنا نحو أطفالنا وذلك من خلال النظر في وصية لقمانَ الحكيم لابنه..
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ
يَا بُنَيِّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
هذا لعمري هو أول توجيه ينبغي أن يقدمه الوالد لابنه بصده عن سببِ الإفلاس أي الشرك بالله.. وفي المقابل فلا بد للأب أن يحظى بالاحترام ليتمكن من أداء رسالته..
وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنُ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ .. وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا
عندئذ يستطيع الوالد أن يلقن ولده أخلاق المواطن الصالح التي تنطلق من معرفة الله حق المعرفة وذلك من خلال إطْلاعِه على عظيم قدرته سبحانه وسعة علمه ولطفه..
يَا بُنَيِّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ
ثم بعد ذلك يتم المرور إلى التطبيقِ والتنزيلِ على أرض الواقع..
يَا بُنَيِّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
وهذا هو ما يسمى بالقيام بحق الله المتجلي في أداء الفرائض وسلوك سبيل الإصلاح من خلال مزاولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل في إطار من التواضع غيرِ المذل بعيدا عن التكبر المَقيت..
وَلَا تُصَاعِرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
وبطبيعة الحال في جو من الأخلاق العالية والسلوك الرفيع والتصرف الإنساني القويم..
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ
هكذا عني الإسلام بالطفل تربية وهو قبل ذلك اعتنى به ماديا حتى وهو ما يزال في بطن أمه حيث لم يجز لها أن تُجهض نفسها من غير ضرورة ولم يُجز إقامة الحد على المرأة القاتلة أو الزانية إذا تبين حملُهما ومعناه أن للجنين حقوقاً واضحة حتى قبل أن يولد فما بالك بالمولود؟ هذا ما سنعمل على تبيينه بإذن الله بعد جلسة الاستراحة فكونوا معنا رحمكم الله وكونوا أيضا ممن يقول الحمد لله.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المربي الأمين وعلى آله وصحابته الطيبين. أما بعد فمن عناية الإسلام بالطفل أنه إذا ولد تكون له حقوق لا تخفى: يؤذن في أذنه ويُختار له اسم حسن ويذبح عنه في اليوم السابع. ثم على الأم أن تُرضعه وإن كانت مطلقة وعلى الأب أن يُنفق عليهما معا دون تقتير ولا شح، عملا بقوله تعالى:
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
ثم بعد هذا كله على الأب أن يوفر له كل حاجياته في جو من المداعبة والملاعبة تماما كما كان سيد الخلق يفعل مع الحسن والحسين. فالأبناء أمانةٌ في أعناقنا ينبغي أن نرعاها منذ نعومة الأظفار لأنهم عجين يتشكل وفق المحيطِ الذي من حوله والبيئةِ التي يحيا فيها وصدق رسول الله حين قال:
كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ
فالأبوان إذن هما اللذان بتأثيرهما يصنعان سلوك الولد ليصبح إما طالحا منبوذا أو صالحا محترما محبوبا عند الله وعند الناس.
و ينفع الأدب الأطفال في صغر
وليس ينفع عند الشيبة الأدب
إن الغصون إذا قوَّمتها اعتدلت
ولن تلين إذا قومتها الخُشــبُ
فعلم ابنك في الصغر الدين الصحيح والأخلاق الرفيعة وكن له في ذلك كله الأسوة الحسنة والقدوة المتميزة فليس التعليم بكثرة الكلام ولا التربية بإصدار الأوامر وإنما التعليـم والتربية معا قدوة وأسوة..
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله كما صليت على سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
اللهم إننا عبادك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك بكل اسم سميت به نفسك أو كتبته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا وذهاب همومنا وجلاء أحزاننا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر.
اللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت عودتنا الخير فأدمه علينا وأعنا على تربية أبنائنا كما تحب وترضى مبتغين بذلك وجهك الكريم وصحبة نبيك الأمين والخلود في جنات النعيم.
اللهم أيد ولي أمرنا ووفقه للخير وأعنه عليه. اللهم اجعل قرة عينه في الصلاة واطمئنان قلبه في ذكرك وكنه حكمه في إتباع نبيك، سعيدا بصلاح ولي عهده مطمئنا لوفاء أسرته وإخلاص شعبه.
اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل الإسلام والمسلمين وارحم اللهم عبدا قال آمين.