مكانة الصلاة في الإسلام
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ونشكره ونشهد ألا إله غيره جعل الصلاة من أركان دينه فقال:
إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا
ثم إنه عز وجل أجوب المحافظة عليها شكلا ومضمونا فقال:
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ
ونشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، حذر من إضاعة الصلاة فقال:
مَنْ فَاتَتْهُ الْعَصْرُ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ
أي ضاع منه. نعم أيها الإخوة هذه هي خسارةُ من أضاع صلاةً واحدة فما بالكم بمن لا يصلي بالمرة؟
عبادَ الله، إن منزلة الصلاة في ديننا أكبر من منزلة أي عبادة أخرى، فهي الركن الأول بعد الشهادة وهي عمادُ الإسلام وعنوانُ الإيمان.. فعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه:
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وإن مما دعاني للكلام عن الصلاة ما نلاحظه من تهاون بها حتى أصبح الكثير منا يصوم ولا يُصلي وأضحى تركُها أمرا عاديا لا يُلتفت إليه بينما، رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ
فيا لها من سوء عاقبة ويا لها من سوء رفقة تبعث فعلا على الإسراع بدق ناقوس الخطر!
إن الصلاة عباد الله هي أولُ عبادة فرضت على المسلمين وتميزت عن سائر العبادات الأخرى بأن فرضت في السماء بخطاب مباشر من رب العالمين إلى إمام المرسلين..
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
والصلاة التي يطالب بها المسلمون ليست مجردَ أقوال يلوكها اللسان أو حركات تؤديها الجوارح، إنما هي عبادة تأخذ حقها الكافي من التأمل والتفكر والخشية واستحضار عظمة الخالق جل جلاله..
هذه عباد الله هي الصلاة التي كان يحن إليها رسول الله فيقول:
وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ
وقال عنها:
يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا
وليس « أرحنا منها » معاذ الله، إذ بالصلاة يطهر المسلم روحه ويغتسل كلية من ذنوبه. قال صلى الله عليه وسلم:
أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا
نفعني الله وإيّاكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين ويرحم الله عبدا قال آمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. عباد الله، إن من يفهم الصلاة على الوجه الذي ذكرنا لا شك أنه سيتذوق الوقوف بين يدي الرحمن حيث يعهد بأعبائه إلى من هو أقوى. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى:
قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ
فيا لها من عظمة ويا لها من واسع رحمة تُحَوِّلُ هذه العبادةَ العظيمة إلى حوار مباشر بين مخلوق ضعيف فقير وخالق غني حميد هو ملك الملوك ورب الأرباب.
اللهم صل على محمد .. في العالمين إنك حميد مجيد
اللهم تقبل منا صلاتنا واجعلها يا ربنا على الوجه الذي يرضيك عنا.
اللهم أيدنا بتأييدك وانصرنا بنصرك واعف عنا بعفوك وتب علينا بتوبتك واهدنا بهدايتك وارحمنا يا ربنا برحمتك الواسعة فنحن الضعفاء وأنت القوي فقونا نحن الفقراء وأنت الغني فأغننا نحن السفهاء وأنت الهادي فاهدنا.. نحن عبادك ولا إله لنا غيرك. اللهم لا فرج إلا فرجك ففرج عنا كل كربة وشدة يا من بيده مفاتيح الفرج واكفنا شر من يريد ضرنا من إنس وجان وادفعه عنا بيدك القوية يا قوي يا قوي يا قوي إنك على كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألك أن تأيد ولي أمرنا بنور الإيمان وصدق اليقين وحسن العبادة. اللهم قوه على أعدائه أعداءِ الوطن والدين. اللهم اجعل اختياراته لصالح الإسلام والمسلمين واجعل قرة عينه في الصلاة وأسعده يا رب بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه. اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل الإسلام والمسلمين ودمّر اللهم أعداء الدين وخاصة منهم الصهاينة المجرمين الذين يكيدون لعبادك وللأقصى في بلاد فلسطين.. آمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ
صدق الله العظيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.