La naissance du Prophète

مولد النبي صلى الله عليه وسلم

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى أن جعلنا مسلمين ووفقنا لأن نكون من أتباع إمام المرسلين ونشهد أنه الله بشَّرنا بسطوع نجم نبينا الكريم فقال وهو أصدق القائلين:

قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ، قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ


ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله بعثه الله رحمة للعالمين فأيد به هذا الدين ونشر به كلمة اليقين، فقال عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم:

أَنَا الْعَاقِبُ!

وَالْعَاقِبُ (هو) الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ

أما بعد، فموعدنا اليوم مع أعظم شخصية في تاريخ الوجود، سيدِنا محمد، وذلك بمناسبة حلول الشهر الذي يُحتفل فيه بمولده صلى الله عليه وسلم..

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ

فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ فِي هذه الآية:

بِنِعَمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

وهل هناك أيها الناس نعمةٌ أكبر وأولى بالتذكير من ولادة النبي صلى الله عليه وسلم التي بموجبها تغيَّر مجرى تاريخ البشرية؟ صحيح أنه اتُخِذت بعض البدع في الاحتفال ولكن الذي نريده ونعني هو تذكير الناس بحقائق السيرة النبوية والرسالة المحمدية. فعندما نحتفل بمولد الرسول فإنما نحتفل بمولد الدين الذي أتم الله به النعمة وارتضاه للناس شريعة فعن أبى قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فقَالَ:

ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ

فيوم مولد الرسول إذاً، يوم له مزية على بقية الأيام ويحق للمؤمن أن يطمعَ في الأجر بموافقته ليوم فيه بركة.. ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم مقررا في الأصول، لكن شريطة ألا يُتخذ له رسم مخصوص وطقوس معيَّنة حتى لا يصبح بذلك بدعة.. بل على المسلم أن يحرص فيه على نشر البِشر حوله وعلى التقرب إلى الله بالعمل الصالح كإطعام المساكين وإغاثة الملهوف وإعانة المضطر وكلِّ أمر يُذكرُ بفضائله صلى الله عليه وسلم دون تجاوز للحدود لاسيما في عصر الشباب كاد أن ينسى فيه دينه وأمجاده.
فاحتفالنا بالمولد النبوي لا يكون بإقامة الزينات ورفع الرايات وإنما يكون بتذكير الناس بعظمة هذا النبي الكريم صاحب الخلق العظيم وصاحب الرسالة العامة الخالدة ذاك الذي أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على الناس أجمعين..

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ .. فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث خاتم الأنبياء والمرسلين وسيد الأولين والآخرين ويرحم الله عبدا قال آمين.

الحمد لله وكفى وسلام على نبيه المصطفى. أما بعد فلعل قائلا يقول إن الصحابة لم يحتفلوا بالمولد وهذا صحيح والسبب بسيط هو أنه صلى الله عليه وسلم كان حياً في ضمائرهم لا يغيب عن وعيهم فلا يحتاجون بذلك إلى من يذكرهم بأمجاده ومحاسن أخلاقه أو يروي لهم معالي شمائله.
أما الآن وقد غاب عنا صلى الله عليه وسلم وشاع فينا ما يغضبه، فقد أصبحنا في أمس الحاجة إلى من يعيدنا إلى طريقته ويذكرنا بسنته..

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا .. مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ

فاحتفالنا بمولد محمد صلى الله عليه وسلم احتفال نتعرف من خلاله على شخصيته ونتبين سيرته ورسالته تلك الرسالة التي جاءت لتعالج كل أمور الحياة حيث قال تعالى:

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ

فما أحوجنا أن نسعى إلى التعرف على هذا النبي الكريم، في وقت أصبح واقع الأمة في ذكرى منشَئها مؤسفا، تماما كما قال الشاعر:

الرشوة وأكل أموال الناس بالبـــاطل من الكبائر إلى الصغائر تحولـــت
بعض المجتمعــــــات أقرتها عرفــا ومنهـــــــــا اغتــرفــت
الوشــــاية الكـــاذبة وشهـادة الزور قُنِّنـــــت وصُدّقـــــــــــــــــت
وعن الضحــايــا حُجبت فهمّشــــوا وفُقِّروا وأرزاقهم صودرت ومنعت

ما أحوجنا عباد الله إلى أن نجتهد في اقتفاء أثر الرسول محمد وإتباع سنته وترك نواهيه..

وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. اللهم ارزقنا حبك وحب نبيك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك وحب نبيك. اللهم أردنا على حوضه واحشرنا في زمرته واجعلنا من أتباعه وكن لنا وليا ونصيرا ومعينا وظهيرا برحمتك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.
اللهم انصر ولي أمرنا وأعنه يا رب على محاربة كل ما يهلك الوطن والدين. اللهم اجعل قرة عينه في الصلاة وأسعده يا رب بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه.
اللهم انصر كل من نصر الدين واخذل من خذل الإسلام والمسلمين والحمد لله رب العالمين.