الصدق
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمد المعترف بالنعمة ونشكره جل وعلا شكر المقر بالفضل ونشهد أنه الله أمر بالصدق وحث عليه فقال:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسول الله، لقبه أصحابه بالصادق المصدوق وقال فيه ربه جل جلاله:
وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ
عباد الله إننا في زمان أشد ما نكون فيه محتاجين إلى الصدق، دعامةِ الفضائل وعنوانِ الرقي ودليلِ الكمال وإمارةِ السلوك النظيف وما الصدق إلا من صفات الله تعالى:
اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً
والصدق أيضا أبرز ما يتميز به الأنبياء، فإبراهيم كان صديقا نبيا وإسماعيل كان صادقَ الوعد، ولما أخبر رسول الله صلىالله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها بأنه خائف على نفسه من الوحي بررت بأنه لن يُمس بسوء فقالت « إنك لتصدق الحديث ». فالإسلام مبني على الصدق ونبذ الكذب. قال صلى الله عليه وسلم:
عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا
واعلموا رحمكم الله أن المؤمن الحق لا يليق به أبدا أن يوصف بالكذب فعن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ
فالمؤمن الحق عباد الله يُستساغ أن يكون جبانا أو بخيلا أو غير ذلك أما أن يكون كذابا فلا ثم لا، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:
مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَذِبِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُحَدِّثُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْكِذْبَةِ فَمَا يَزَالُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً
فالله تعالى خلق السماوات والأرض بالحق وأمر الناس أن يبنوا حياتهم على الحق فلا يقولوا إلا حقا ولا يقروا إلا حقا. أما الكذب والتدليس والافتراء فمن أمارات النفاق التي يبغضها الإسلام.. قال صلى الله عليه وسلم:
ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ.. مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ
أيها المؤمنون إذا كان الصدق من صفات الله تعالى ومن أخلاق الأنبياء عليهم السلام فلا غرو أن نكون نحن معشر المسلمين مدعوين قبل غيرنا للاتصاف بهذا الخلق العظيم.. جعلني الله وإياكم من عباده الصالحين الصادقين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد فيقول تعالى في نبذ الكذب وشجب محترفيه:
إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ
إن ديننا الحنيف عبادَ الله ينفر من الكذب فيجعله من خصال الكافرين ويتوعد عليه العذاب..
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِّلْمُتَكَبِّرِينَ
فلا ينبغي لمؤمن أن يستهتر بالصدق أو يستلذ الكذب في شؤون حياته فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ.. وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:
كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ
وقال عليه الصلاة والسلام:
أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحاً
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد عدد ما أحاط به علمك وخط به قلمك وأحصاه كتابك وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين وسائر الصحب أجمعين وعنا معهم يا رب العالمين.. لا إله إلا الله الحليم الكريم.. سبحان الله رب العرش العظيم.. الحمد لله رب العالمين نسألك يا رب موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والعصمة من كل ذنب والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لنا في هذا المقام ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إن حاجتنا إليك في ساعة الإجابة هذه أن ترفع عنا الكذب الخيانة وتعوضنا بهما صدقا وإخلاصا في كل أحوالنا. اللهم اجعلنا من الصادقين و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم إنا نسألك لولي أمرنا الصدق والصلاح. اللهم أيده بالصدق حيث كان وباعد بينه وبين الشر كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم أقر عينه بصلاح ولي عهده وصدق أسرته وشعبه.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأعل كلمة الحق المبين وارفع اللهم راية الدين وصل وسلم على سيدنا محمد الصادق الأمين وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.