Faire le bien en permanence

المداومة على العمل الصالح

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ونشكره ونشهد ألا إله غيره حثَّنا على مباشرةِ فعلِ الخير والحِرصِ على العملِ الصالحِ فقال:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ


ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله كان صلى الله عليه وسلم يُحب فعلَ الخيرِ والمداومةَ عليه، حتى قالت عنه أم سلمةَ رضي الله عنها:

كَانَ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، الْعَمَلُ الصَّالِحُ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ يَسِيراً

عباد الله، إننا اليوم على موعد مع العمل الصالح وفعلِ الخير اللذين إذا نبتا من نية صادقة تحولا إلى عبادة لله خالصة. إن العمل الصالحَ أيها الناس هو كلُّ عملٍ نافعٍ غيرِ محرمٍ يُرجا منه الخيرُ.. إما للفرد القائم به وإما لغيره وإما للمجتمع..

مَن كان في حاجةِ أخيهِ كان الله في حاجتهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسلمٍ كُربَةً فرَّجَ الله عنهُ كُربةً من كُرباتِ يومِ القيامةِ، ومَن سَتَرَ مُسلِماً سَترَهُ اللهُ يومَ القيامة

وفي مقدمة هذه الأعمال الصالحة طبعا، ما يُصْطَلَحُ عليه بالشعائر التعبدية من صلاة وزكاة وصيام وحجٍ التي لا ينبغي ولا يليق بحال أن نتهاونَ بها أو نُقَلِّلَ من أهميتها إذ هي حق الله تعالى علينا:

وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ

وهذا العمل الصالح لا يقتصر طبعا على هذه العبادات فحسب بل هو ميدان واسع ومفهوم شامل ومعنى كبير.. فمن بنى مسجدا أو أنشأ مدرسة أو أقام مصحة أو شيَّد مصنعاً لسد حاجة فقد فعل خيرا. ومن واسى فقيراً أو كفل يتيماً أو عاد مريضاً أو أنقذ غريقاً فقد عمل صالحا.. مثلُه مثل من ساعد بائساً أو أنظر معسراً أو أرشد ضالاً أو جازى محسنا، فقد قال صلى الله عليه وسلم:

كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ

حتى الإحسانُ إلى البهائم وإماطةُ الأذى عن الطريق وغرسُ الأشجار يدخل في هذا الإطار. فقد ورد أن رجلا سقى كلبا فشكر الله له سعيه فغفر له.. ثم إن رجلا مَرَّ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ: وَاللّهِ لأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لاَ يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ. وروى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:

إنْ قامَتِ السّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فإنِ اسْتَطَاعَ أنْ لا يَقُومَ حَتّى يَغْرِسَها فَلْيَفْعَلْ

أوَ حتى في أحلك الظروف لا يليق بنا أن نتوانى في الحرص على العمل الصالح وفعل الخير؟! اللهم نعم! فعلى المرء إذن أن لا يستصغر عملَ الخير مهما كان وأن لا يحقر من المعروف شيئا فالله تبارك وتعالى يُجازي على وزن الذرة فيقول:

فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين وغفر لي ولكم وللمسلمين ويرحم الله عبدا قال آمين.

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وصلى الله وسلم على محمد وآله، وصحبه وإخوانه. أما بعدُ فإن للعمل الصالح وفعلِ الخير جزاءً في الدنيا والآخرة. أما الجزاء في الدنيا فيتمثل في أمور ثلاثة:
أولا حُسنُ الرعاية من الله:

وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ

ثانيا المودَّةُ في قلوب المؤمنين:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـنُ وُدّاً

ثالثا تفريجُ الكروب وإدراكُ الحياة الطيبة في الدنيا حيث قال تعالى:

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا

ويقول عز من قائل:

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً

أما الجزاء الأخروي فعظيم لا يقدر بثمن وإنما قال تعالى في شأنه:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ

والآيات في هذا الباب أكثر من أن تحصى. من أجل هذا معشر الإخوةِ الكرام ندعو أنفسنا للمداومة على العمل الصالح.. فإذا ما ظهر لأحد أن ذلك يتعذر عليه فليعلم أن ميادين الخير يتسع مجالها إلى حد لا يستطيع معها أحد أن يقول لا أستطيع..قَالَ صلى الله عليه وسلم:

عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ. قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ

اللهم انفعنا بالقرآن الكريم وأيدنا بالذكر الحكيم وانصرنا بالكتاب العظيم. اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن ونعوذ بك من العجز والكسل ونعوذ بك من الجبن والبخل ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.
اللهم أيد ولي أمرنا بفطرة الإسلام ونور الإيمان ودرجة الإحسان وكلمة الإخلاص إلى يوم الخلاص. اللهم انصر كل من نصر الدين واخذل من خذل الإسلام والمسلمين آمين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..

وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى

صدق الله العظيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.