La demande du Pardon divin

الاستغفار

الحمد لله رب العالمين جعل الحمد مفتاحا لذكره وجعل الشكر سببا في مزيد فضله، ونشهد أنه الله، لا إله إلا هو، نوه بالمستغفرين فقال:

الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .. الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ


ونشهد أن سيدنا محمدا رسول الله رغَّب في الاستغفار حقا فقال:

وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ

أما بعد، فإن الدنيا دارُ فناء وإن الآخرةَ دارُ بقاء.. فبادروا رحمكم اللهُ بالعمل، وخافوا بغتة الأجل وتقربوا إلى الله تعالى بكثرة التوبة والاستغفار علكم تفوزوا بما وعدكم به من فضل وفواكهَ وثمار..

اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا

وإن من واسع فضله سبحانه، أنه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل فيغفرُ الذنوب جميعا فهو القائل في الحديث القدسي:

يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي.. يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي

فالمداومة على الاستغفار صفة من صفات المرسلين وسمة من سمات الصالحين، فهذا رسول صلى الله عليه وسلم يلازم الاستغفارَ .. ويقول عن نفسه:

وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً

وهكذا أهل الإيمان .. يُكثرون من الطاعات والنوافل ثم يهرعون إلى التوبة والاستغفار، مستصغرين ما قدموا غيرُ مقتنعين بما عملوا من صالح الأعمال مصداقا لقوله تعالى:

كَانُواْ قَلِيلاً مّن الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

فهم رغم بياتهم لله ساجدين، له خاشعين، لا يغترون بذواتهم بل ينقلبون إلى ربهم مستغفرين.. ولو حتى بعد ثبوت المغفرة، كما هو الحال في يوم عرفة لا يستغنون عن طلب المغفرة ولا ينبغي لهم ذلك..

ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

غير أن هذا الاستغفار الذي ننشده ينبغي أن يكون استغفارا حقيقيا لا مجرد كلمات تلوكها الألسن.. فقد قال الإمام القرطبي، قال علماؤنا:
الاستغفار المطلوب هو الذي يَحُلُّ عقد الإصرار ويَثبُت معناه في الجنان.. وليس التلفظ بمجرد اللسان فمن استغفر بلسانه وقلبُه مصرٌّ على معصيته فاستغفاره يحتاج إلى استغفار
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وجعلني وإياكم من أتباع سيد الأولين والآخرين ويرحم الله عبدا قال آمين والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. إن الاستغفار الحق، إذا كثر في الأمة وعمَّ أفرادَها، فإن الله يَدفع به عنها ضروباً من البلايا والنقم ويُنحي به عنها صنوفاً من الرزايا والمحن. قال تعالى:

وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

ثم إن الاستغفار سببٌ لنزول الغيث وحصولِ البركة فقد قال تعالى على لسان هود عليه السلام:

وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ

زد على هذا أن في ملازمته تفريجٌ للكروب وجلاءٌ للهموم وخروجٌ من ضائقات الأمور ففي الحديث:

مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ

فاتقوا الله عباد الله وتذكروا أن في حوادث الزمان وفجائع الأيام ما يحمل على الاعتبار والعودة إلى الله الواحد القهار .. بكثرة التوبة ودوام الاستغفار.

اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنتَ أنت الغني ونحن الفقراء، أنت القوي ونحن الضعفاء، جئنا إليك راغبين في رحمتك راجين لفضل نعمتك. اللهم إن بهائمنا قد انقطعت ومراعينا قد جدبت فانصاعت جبالُنا واغبرت أرضُنا فارحمنا واسقنا غيثك ولا تجعلنا من القانطين. اللهم إن مواقع القطر قد جففت ومخايلَ الجود قد احتجبت أنت رجاء المبتئس ومجيبُ الملتمس فاسقنا صيبا طيبا وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت. اللهم أحي به ما قد مات ورُد ما قد فات وأبعد عنا ما أصابنا من الويلات. اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب تروي بها القيعان وتُسيل بها البطان وتستورق بها الأشجار وترخص بها الأسعار. اللهم فلا تردنا خائبين ولا عن رحمتك مطرودين فإنك تُنَزِّل الغيث من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك وأنت الولي الحميد.
اللهم أعز ولي أمرنا عزا تعز به الدين. اللهم وقو دائرته بالصالحين وباعد بينه وبين أعدائك يا رب العالمين. اللهم أيده بالقرآن وشد أزره بسنة سيد الأنام وكن لنا وله يا رحيم يا رحمن. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واهزم اللهم أعداء الدين آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.