معجزة القرآن الخالدة
الحمد لله رب العالمين يُبدئ ويُعيد ويفعل ما يريد وهو على كل شيء شهيد. نشهد أنه الله لا إله إلا هو حذَّرنا من عاقبةالحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حيث جعلنا من أتباع سيد الأنام ونشهد أنه اللهُ القائلُ عن القرآن:
وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسولُ الله، تكلم عن القرآن فقال:
مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أيها الناسُ، إن المعجزةَ غالبا ما تكون ظرفية يُؤَيِّدُ الله بها نبيه فيشهدها معاصروه ثم تذهب وتغيب. أما القرآن فهو معجزة باقية تكفل الله تعالى بحفظها..
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
وكيف لا وقد كُتِبَ الخلودُ للإسلام بفضل هذا القرآن. قال صلى الله عليه وسلم:
قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَعِتْرَتِي.. أَهْلُ بَيْتِي
والكلام عن المعجزة القرآنية موضوع معروف ليس مرادنا اليوم أن نحيط به بقدر ما نريد أن نُلقي الضوء على بعض إشاراته فلسنا ممن يحتاج إلى الاقتناع بأن القرآن مُنَزَّلٌ من عند الله ولكن فقط من باب..
بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
إن مظاهر الإعجاز في القرآن الكريم كثيرة ومتعددة وسنكتفي تفاديا للإطالة بذكر أربعة منها..
هناك أولا ذلك التناسق البديع والترابط بين آياته وسوره من غير اختلاف ولا تناقض ولا تضاد..
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً
ثانيا، هناك بلاغته الفريدة التي جعلت الوليد بن المغيرة يقول لما سمعه، وهو من رؤساء الشرك:
والله ما فيكم رجلٌ أعلمَ بشعرٍ ولا بأشعارِ الجن مني. واللهِ ما يُشبه شيئا من هذا. إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يُعلى عليه
أما المظهر الثالث فيكمن في إخبار القرآن ببعض الغيبيات التي لا يستطيع أحد تكذيبَها أو إنكارَها وانتصار الروم على الفرس في بضع سنين لخير مثال على ذلك:
وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ .. لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
وأخيرا هناك ما يَبْهَرُ العقول يوما بعد يوم فيُسلم على إثره كبار العلماء في شتى أنحاء العالم وهو المتمثل في مطابقة القرآن لكثير من الحقائق العلمية المعاصرة وهو ما يُصطَلح عليه في زماننا بالإعجاز العلمي في القرآن. قال تعالى:
قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
نفعني الله وإيّاكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين ويرحم الله عبدا قال آمين.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين أما بعد فلقد أظل علينا زمان خرج فيه قوم من بني جلدتنا يشكك في مصداقية القرآن ويطعن في خلود منهجه فأعمى الحقد بصيرته:
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ .. لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ
أي أن العناد في عصرنا هذا قد بلغ ما بلغ.. ولقد قال تعالى في ذلك:
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيُحْزِنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكْذِبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ
إننا إخوةَ الإيمان نتعجب لقوم تنكروا للقرآن فأثاروا شبهات وأعلنوا بها الحرب على الله. كيف يجرأ مسلم أن يكتب أن القرآن غيرُ معجز ويرمي من يُثبت ذلك بالدليل والبرهان العلميين بالدجل والشعوذة. إن مثل هؤلاء لا يسعنا إلا أن نُشْفِقَ عليهم ونَقُولَ لهم:
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
ثم نستغفرَ اللهَ لنا ولهم. اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك نضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك نستغفرك ونتوب إليك. اللهم صل على خير الورى نبي الهدى سيدنا محمد، صلاةً دائمة مستمرة تحفظنا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضي لنا بها جميع الحاجات وترفعنا بها أعلى الدرجات وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات آمين.
اللهم احفظ ولي أمرنا وأيده يا رب بتأييدك. اللهم أعنه على النهوض بشعبه لإقامة خير أمة أخرجت للناس وأصلح له يا رب بطانته وباعد بينه وبين من يتربص بنا وبه الدوائر يا عظيم الفضل والإحسان. اللهم انصر أمتنا واجعلها آمنة مطمئنة. اللهم أعل راية الإسلام والمسلمين وانصر المجاهدين لإعلاء كلمتك وأعنهم على توحيد الجهاد في سبيلك والنهوض بكتابك آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.