La pudeur en Islam

خلق الحياء

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى وبه نستعين ونشهد أنه الله الملكُ الحقُّ المبين أثنى على نبيه الصادق الأمين فقال وهو أصدق القائلين:

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ


ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسول الله ذكر الخُلُقَ الذي يُمَيِّزُ الإسلام عن سائر الأديـان فقال:

إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ

عباد الله، ما أحوجنا في زماننا هذا لأن نُذَكِّرَ أنفسنا بخلق الحياء لاسيما وقد أصبحت عامة الناس تصنع ما تشاء ولا أحد يكاد يُنكر بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ

أيّها الإخوة المؤمنون إذا كانت هذه النصوص تفيد أن الحياء فضيلة إسلامية وخصلة حميدة فإنه ينبغي لنا أن نفهم حقيقة هذا الحياء لنتمكن من التحلي به فعلا.. ليس الحياء ذلك الإحساس الذي يمنع من قول الحق ودفع الظلم وإزهاق الباطل.. لا يعني الحياء الانكماش والمسكنة والضعف والهوان فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وإن كان الخير في كليهما. إنما الحياء خلقٌ يدفع بصاحبه إلى الإيمان والعمل الصالح والقول الصادق وترك الموبقات استشعارا منه لمراقبة الله الذي..

يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ

فالحياء سلوك وتربية فيه شجاعة وقوة وفيه صبر ويقين وفيه عدل وإنصاف وحفظ ورعاية.. الحياء بر وإحسان.. رحمة وتوقير.. احترام وإجلال.. هذه هي المعاني السامية التي يحملها مفهوم الحياء.. فهو يجمع كلَّ الأخـلاق ويحتمل كلَّ الصفات التي تعين على ترك الفواحـش والتطلع إلى فعل الخير بكافة أنواعه. فعَن اِبْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ! قَال: قلنا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.. قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ.. وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ

هكذا عباد الله يكون الاستحياء من الله وعنه يتولد الاستحياء من الناس.. ومظاهر هذا الأخير كثيرة لا بأس من ذكر بعضها لأنّ التأسي بها يُدخلنا إن شاء الله تعالى وبإذن منه الجنة. قـال صلى الله عليه وسلم:

الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين ويرحم الله عبدا قال آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الحيي الأمين.. أما بعد فإن الذي دعاني إلى ذكر الحياء ما آل إليه مجتمعنا من خدش لهذا الخلق الرفيع بينما ربنا تبارك وتعالى يقول:

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ

فأبى إلا أن يمتثل الآية التي تلي..

ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ

أيها الناس إن من الحياء الاقتصاد في الكلام عند حضور المجالس حتى لا يضجر الحاضرون من طول ثرثرة المتكلم فقد قال صلى اللهعليه وسلم:

إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ كَمَا تَتَخَلَّلُ الْبَاقِرَةُ بِلِسَانِهَا

ومنه أيضا ترك الكلام الفاحش فـ

لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ

ثم إن من الحياء أن يخجَلَ الرجل من ما يخدش مروءته ويستنقص من سمعته فقد قال صلى الله عليه وسلم:

أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ.. مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ

وقد قيل.. من عمل في السر عملا يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر.. ومن ثم كان على المسلم أن يبتعد عن الدنايا سواء خلا بنفسه أو برز إلى الناس..
ومن مظاهر الحيـاء كذلك أن نعرف الحق لأصحابه فنعطي كلَّ ذي منزلة منزلته وكلَّ ذي فضل فضله.. فعلى الصغير أن يحترم الكبير وعلى الغني أن يرحم الفقير وعلى المرؤوس أن يطيع الرئيس وعلى التلميذ أن يُجل من يعلمه وهلمّ جرا.. ففي الحديث:

لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنـا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلـح لنا آخرتنا التي إليها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شـر.
اللهم احفظ ولي أمرنا واكلأه بعينك التي لا تنام وقو به وعلى يديه شوكة دين الإسلام. اللهم أقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه واحفظ يا ربنا بلادنا وسـائر بلاد المسلميـن من كيــد الكائدين وحِقد الحاقدين آمين. اللهم انصر كل من نصر الدين واخذل بعدلك من خذل الإسلام والمسلمين.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين.