Nuit du destin 1425

ليلة القدر لعام 1425

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى في كل حين ونعوذ به من أن نكون من الظالمين ونشهد أنه الله كَرِه لنا الفرقة والاختلافَ فقال:

وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ


ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله أَكَّدَ هذا المعنى العظيمَ بقوله:

لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

إن الإسلام أيها المؤمنون يعلمنا أن الله خلق الناس ابتداءً ليجتمعوا لا ليتفرقوا ثم إنه تعالى بعث الرسل من أجل الاستمرار في هذا الاجتماع

كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ

إلا أن الناس بحب الرئاسة تنكروا لأصلهم وانقسموا أحزابا ودويلات فصار الكيد والمكر سلعةً بينهم..

فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ

إن تباين الآراء أمر طبيعي في حق الإنسان بل إنه من صميم حضارته إلا أن هذه الحقيقة لا ينبغي أن تؤدي إلى الشقاق والفراق. ممكن أن تحدث عداوة بين الأمم المتباعدة والأفرادِ ذوي الملل المختلفة ولكنَّ العجبَ العجاب أن يقع ذلك من مسلمين في حق إخوانهم كمن يسعى لفصل أقاليمنا الجنوبية عن كياننا الموحد وهذا ما لا ينبغي أن يكون ولن يكون بإذن الله! إننا سنحتفل غدا بذكرى المسيرة الخضراء التي أبهرت العالم حينها ومكَّنَتِ المغربَ من استرجاع أقاليمه المغتصبة دون إراقة دماء. لكن للأسف ما أنُ اعْتُرِفَ لوطننا بحقوقه حتى قامت دولة مسلمة تنادي بتشتيت كلمته وكسر استقراره رغم ما سبق وأن قدمه هو لها من تضحيات في سبيل استقلالها واسترجاع حقوقها. كان من المفروض أن يفرح لنا إخواننا كما فرحنا لهم من قبل وألا تطغى أطماعٌ ماديةٌ على الأخوة الروحية..

وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا

وعلى كل حال.. ورغم ذلك فنحن أهل المغرب مسلمون واثقون بنصر الله.. ولن ننجرف في مغبة الهاوية التي يدعوننا إليها بل سنظل متشبثين بروح أخوتنا حتى ينتصر الحق ويزهق الباطل.. سيبقى كل المغاربة شمالا وجنوبا، غربا وشرقا معتزين بأخلاقهم متشبثين ببيعتهم التي نص عليها القرآن وسنها النبي العدنان لأن هذه البيعة تُلزم الجميع بالطاعة في المعروف.. وبالسير قدما نحو التخلق بالخصال الحميدة التي جاء بها هذا الدين من عفـو وصفح سماحة وعدل وصدق وحسن نية وكظمِ غيظٍ وبُعدٍ عن غلو..

وأَنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين ويرحم الله عبدا قال آمين.

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حيث أكرمنا برمضان وجعل خير لياليه ليلة العتق من النيران..

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ .. فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ .. أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ .. رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

عباد الله، لقد حث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على تحري ليلةِ القدر في العشر الأواخر من رمضان وبين أن فضلها لا يقدر بثمنٍ حين قال:

مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

إننا لعمري لعلى مشارف هذه الليلة إن لم تكن قد مرت بنا بالأمس إذ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين موعدها بالذات وإنما اكتفى بقوله إنها في العشر الأواخر ليجتهد المسلمون في البحث عنها وإدراك بعضٍ أو جزءٍ من فضلها. صحيح أن جمهور المسلمين على أنها في ليلة السابع والعشرين إلا أنه لا ينبغي لصادق حريص على رحمة ربه أن يَحْصُرَ اجتهادَه في تلك الليلة دون الليالي الأخر لأن فعله هذا يوقعه في احتمال إهدارِ خيرها وعدمِ الفوز بما فيها. ثم إنه لا ينبغي لمسلم لكونها خير من ألف شهر أن يعتبر أنه إذا صلى فيها فقد صلى بما فيه الكفاية ويحق له أن ينتظر السنة المقبلة ليُعيد الكرة.. لأن من يفعل ذلك لا يعدو أن يكون إلا في إحدى حالتين: إما أن يكون قد أخطأ ليلة القدر فأضاع ما كان يصبو إليه من أجر وإما أن يكون قد أخطأ النية فأضاع ما كان يصبو إليه من عمل.. وفي كلتا الحالتين مصيبة.. فحي إذن على الاجتهاد بكافة أنواعه.. من صلاة وصيام وإنفاق وقضاء لحوائج الناس وما إلى ذلك من أعمال البر كقراءة القرآن والذكر والصلاة على النبي..
اللهم إنا نسألك الرشاد والتقى والفوز بالجنة. اللهم اهدنا واهد بنا واهد أزواجَنا وذريتَنا. اللهم اجعلنا ممن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا واجعلها لنا سببا في مغفرة ذنوبنا وتكفير سيئاتنا وعتقنا من النار.
اللهم أيد ولي أمرنا ووفقه يا رب لإعلاء كلمتك وتحكيم كتابك ونصرة دينك والسير بنا نحو الاعتصام بحبلك والذود عن مقدساتك. اللهم عزز بطانته بالصادقين وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه.
اللهم انصر المجاهدين في كل مكان وخاصة منهم إخوتنا في فلسطين اللهم ارفع الضيق عنهم وفُك الحصار من حولهم وفرج عنهم كربتهم يا رب العالمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.