Qui veut faire du bien s’annonce!

يا باغي الخير أقبل

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى كما ينبغي لجلال وجهه ونشكره جل وعلا كما يليق بعظيم سلطانه ونشهد أنه الله المالك في ملكه، سن لعباده الذكر فقال:

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ


ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا رسول الله بشر الذاكرين الله بقوله:

سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ. قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ

أما بعد، فإن للصائم في هذا الشهر العظيم لنغماتٍ فريدةٌ تجعله أكثرَ ذكراً لله وتسبيحاً وتهليلا له.. فهو يحمد ربه بكرة وأصيلا ويكبره لا يفتر عن استغفاره ودعائه..
روى الإمام البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال:

مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ

فقل لي بربك يا أيها المسلم كم من حي بجهله لذكر الله لا يدري أنه في الحقيقة ميت.. قال تعالى:

أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا

ويا له من تعبير جميل وتصوير رائع.. إن الصائم الصادق يذكر الله مع خروج أنفاسه وتلاقي شفتيه وتعاقب وقته.. يسجل بذكره هذا أعظم الأجر وأعلى الأمنيات فيتعلم بذلك كيف ينبغي أن تكون علاقتُه بربه في رمضان وفي غير رمضان. أما إذا أعرض عن ذكر ربه فإن الهموم تجتاحه فتُحدق به الغموم وتتوالى عليه الآلام والمحن لأنه يكون قد أخطأ الدواء رغم معرفته إياه:

أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ

أتشفق للمُصِرِّ على الخطايا
وترحمه ونفسَك مـا رحمتــــا
تقطعني على التفريط دوماً
وبالتفريط دهرَك قد قطعتــــا

وقال صلى الله عليه وسلم في ما يرويه الإمام مسلم:

لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ

فأين الدنيا يا ترى؟ وأين ذهبها وفضتها؟ أين قصورها وديارها؟ أين أكلها وشربها؟ أين شهواتُها؟ إن كل ما طلعت عليه الشمس لا يساوي هذه الكلمات الأربع فهلا ملأنا ساعاتنا بها لنجدها يوم العرض الأكبر نوراً وحبوراً وسروراً؟

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين ويرحم الله عبدا قال آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ

عباد الله إن المقصر الحقيقي هو من ترك رمضان يفوت فلم يَسعد فيه بذكر ربه وتسبيح مولاه.. فهيا بنا نغتنم أنفاس العمر ودقائقَ الزمان!

دقات قلب المرء قـائلةٌ لـــــــه
إن الحيـــاة دقــــائقُ وثوانـي
فارفع لنفسك قبل موتٍ ذكرَهـا
فالذكر للإنســــــان عمر ثاني

وإن من ذكره تعالى أن يتذكر المرء الجائع البائس المحتاج قبل أن يقول له الله تعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ:

يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي! قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ.. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ. يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي! قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ.. أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي! قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي

إن في الناس عباد الله من يصوم ولا يجد كسرة خبز ولا مذقة لبن ولا حفنة تمر. هناك من لا يجد بيتاً يؤويه ولا مركباً يحمله. بل فيهم صائم دُمِّرَ عليه بيتُه وحُبِسَ عليه رزقُه وعُكِّرت عليه صفوة شهره يصوم تحت رحمة القنابل وتطاير الرصاص ووطء الدبابات ليس في يده إلا حجارة ينتظر الخلاص لا ناصر له إلا الله.. إن إخوتنا في الأرض المقدسة يستغيثون الله وينتظرون المعونة.. فيا أيها الصائم لا تتوانى في الاستجابة ولا تتردد لأن بعطائك ودعائك تقرض الله ليوم فقرك.. يوم التغابن.. الذي لا ينفعك فيه إلا عملك ورحمة ربك.
اللهم اجعلنا لك ذاكرين ولكتابك متدبرين ولشرعك مطبقين وللصلاة مقيمين ولرمضان صائمين وللياليه قائمين قانتين وفي سبيلك منفقين. اللهم أيد المجاهدين بجندك الذي لا يُرى وجيشك الذي لا يُقهر وأرنا في الغاصبين من اليهود يوما كيوم عاد وثمود.
اللهم إننا نستنصرك عليهم فانصرنا ولا تخذلنا ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم وفق ولي أمرنا لعمل الخير وأعنه عليه وباعد بينه وبين الشر كما باعدت بين المشرق والمغرب.
اللهم تب علينا توبة نصوحا وكن لنا وليا ونصيرا واجعلنا يا ربنا من عبادك الصالحين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.