انتصارا للعلماء
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى وإياه نستعين ونشهد أنه الله القوي المعين بيَّن مكانة أهل العلم فقال:
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمداً عبد الله ورسوله، حث على احترام العلم والعلماء بقوله صلى الله عليه وسلم:
إنَّ العَالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاواتِ وَمَنْ فِي اْلأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ.. إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ.. إنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلاَ دِرْهَماً.. إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍ وَافِرٍ
أما بعد فإن للعلم في هذا الدين مكانةً عظيمة وإن لعلماء هذه الأمة حقوقا تستلزم منا الوقوف عندها. نعم أيها الأحبة هناك آدابٌ ينبغي أن نتحلى بها وتَمَّتَ أخلاقُ يجب أن نؤديها لهذه الصفوة من البشر. وإنما دعاني لاختيار هذا الموضوع ما نراه اليوم من جفاءٍ وتقصير ونقصِ تقديرٍ وقلةِ أدبٍ في جنب العلماء. فالعلماء أيها الأبرار هم قطبُ السعادة ومدارُ الخلاص وضياءُ النبوة ونورُ الحياة.. بهم يصل الإنسان إلى الله وصلاحُ الأمة على ما عندهم موقوف.. عن أنسٍ رضي الله عنه قال.. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ مَثَلَ العُلَمَاءِ فِي الأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ فَإِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الهُدَاةُ
ومن أجل هذا أقول وبالله التوفيق إن من واجب الأمة، قيادة وشعبا حكاما ومحكومين أن تَحفظ للعلماء حقهم وتعرف لهم مكانتهم فتلتزمَ الأدبَ معهم.. بل يتأكد ذلك أكثر فأكثر إذا كان العلماء قائمين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونبذِ العنف وتوجيهِ الناس إلى تركِ سائر وجوه الاستئصال والتطرف والتزامِ صالحِ الأخلاق إذ حينئذ يصدق فيهم قوله تعالى:
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
وهذا الكلام طبعا لا يعني أبدا أنني أَدَّعِي العصمة للعلماء بل قد تَبْدُرُ منهم الزلة وتقع منهم العثرة وتنبو منهم الكبوة ولكن كفاهم فخرا أن قد ضُمن لهم الأجر على اجتهادهم فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللع هليه وسلم:
إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ
فيا إخوة الإيمان اعلموا أن العالم لا يُؤْخَذُ بزلته ولا يُتْبَعُ بهفوته.. إذ ليس أحد من العلماء إلا وله ناذرة ينبغي أن تُدْفَنَ في بحر علمه وتُنْسَى في جنب عظيم فضله..
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبحديث سيد الأولين والآخرين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين ويرحم الله عبدا قال آمين.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين. أما بعد فيا أيها الإخوة.. إن توقير العلماء واحترامَ أهل العلم أيا كان مجالُ علمهم، ما دام فيه نفع للبشرية واجب على المسلمين.. فمن أراد تكليم العالم فَلْيُحِطْ ذلك بسياج من الخلق الفاضل في لسان عفيف ونظر ورع خجول. ولنحذر التطاولَ على مناهج الأئمة وعلماءِ الأمة باتقاء التهوين من شأنهم لأن التجريح بغير حق لا يجوز وهو مظنة الحساب والعتاب ثم العقاب..
وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
ينبغي لنا في معاملتنا للعلماء أن نتعلم كيف نستفيدُ منهم وكيف نُثني عليهم وإن تطلب الأمر كذلك كيف نلتمس العذرَ لهم وخصوصا إذا كانوا من الأعلام الذين يُعَلِّمُونَ الناس الخير ويبذلون أنفسهم للعلم والتعليم والدعوة إلى الله والغيرة على الحق والدفاع عن الدين والتضحية في سبيل الله.. فكيف بنا اليوم وماذا سنقول لربنا وقد ضاعت هيبة العالم وأصبح الناس يعاملونه كأنما يعاملون أهل السوق ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم صل على محمد وآله كما صليت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياءِ منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب للدعوات. اللهم ارحمنا برحمتك واسترنا بسترك واعف عنا بعفوك واغفر لنا بمغفرتك ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك.
اللهم اغفر لحاضرنا وغائبنا، حينا وميتنا، كبيرنا وصغيرنا وكلِّ من له الحق علينا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. اللهم اصرف عنا كيد الكائدين واجعل كيدهم في نحورهم يا رب العالمين.. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ولا حول ولا قوة إلا بك..
اللهم انصر ولي أمرنا نصرا تعز به الدين وتذل به الكفر والشرك والمشركين. اللهم اجعل قرة عينه في الصلاة واطمئنان قلبه في ذكرك وروح سيرته في إتباع نبيك وكنه حكمه في تطبيق شريعتك. اللهم أفرحه بولي عهده زيادة في الإسلام وقلعة من قلع الدفاع عن الدين.
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين آمين.. وانصر اللهم إخوتنا في فلسطين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.