الحمد لله نحمده ربنا حمدا هو أهلٌ له ونشكره إلهَنا شكرا لا يليقُ إلا به، ونشهد أنهُ اللهُ، لا إله إلا هو، فتح بابَ الإقبالِ عليه بشرع أركانِ الدين وجعل طاعته وخشيته وتقواه سبيلا مهما لإدراك الفوز الأبدي عنده، فقال جل في علاه في سورة النور:
وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ
ونشهد أن حبيبنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه وصفيُّه وخليلُه بين أن أعظمَ ما يَتَقَرَّبُ به الإنسان إلى ربه إتيانُ ما أمره به أن يأتيه وفعلُ ما فرض عليه أن يفعلَه فقال فيما يرويه صبى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل:
مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْه وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ
أما بعد، فإنَّ ممَّا ينبغي التَّنبيهَ عليه هو ما فَتَحَ اللهُ على أوليائه من أبواب الخير في الإقبال عليه من خلال أركان الإسلام، من صلاةٍ وزكاةٍ وحجٍّ وصِيام. فهذه الأربعةُ هِيَ الفرائضُ التي بُنيَ عليها الدينُ الحنيفُ مع شهادةِ التوحيد، شهادةِ الحق، شهادةِ ألا إلهَ إلا الله وأن محمدا رسولُ الله. هذه الأربعة أيها الإخوة هي التي بإقامتها يُعرَفُ المؤمن من غيره ولا يرسخ إيمانه فيكون حقًا إلا بها، فهي الدليل عليه وهي البرهان. قال تعالى:
إِنَّمَا اَلْمُومِنُونَ الذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمُ ءَايَاتُهُ زَادَتْهُمُ إِيمَانا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاُهمْ يُنفِقُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ اُلْمُومِنُونَ حَقّا
وإنما ذكرتِ الصلاةُ والزكاةُ دون الحج والصيام نيابةً عنهما وإلا فالأربعة تُكَوِّنُ وَحَدَةً قائمةً بذاتها لا تتجزأ أبدا، اللهم إذا كان هناك عذرٌ شرعيٌّ لترك أحد مكوناتها كالفقرِ في الزكاة وعدمِ الاستطاعةِ في الحج وحدوثِ المرض عند وجوب الصيام، فلله الحمد والمنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولِ الله وآله ومن والاه. أما الصلاة فتُرَسِّخُ الإيمانَ لكونها عمادَ الدين تربي صاحبها على السلوك السليم والخلق القويم فهي كما قال ربنا تنهى عن الفحشاء والمنكر ويكفيها فخرا أن قيل فيها أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وأما الزكاة فترسيخها للإيمان يتمثل في كونها تُقَوِّي في الإنسان روحَ التضحيةِ وتربيه على تقاسم ما لديه من فضل وخير مع غيره. وأما الحج والصيام فمدرستان للتقوى أنعم بهما من مدرستين جليلتين عظيمتين ونكتفي بهذا القدر الآن للعودة في خطب مقبلة لبسط وبيان دور كلِّ فريضة في ترسيخ الإيمان وتقويته لتعم بنورها الحياةُ فتطيبَ في جميع الأحوال عبادةً ومعاملةً وسلوكًا. ألا وأكثروا من الصَّلاة والسَّلام على خيرِ الورى نبينا محمد. اللهم اغفر لنا وارحمنا وكن لناولا تكن علينا وانصر ولي أمرنا وأقر عينه بولي عهده وسائرِ أفراد أسرته وشعبه والحمد لله رب العالمين.